>> دليلك نيوز >> مجتمع

التقمص ورحلةُ الأرواح، حيث الحياة الحقيقية

بقلم /ديانا غرز الدين    12/1/2022بتاريخ :   المصدر:لعبة الأمم

في عالمٍ اضطرب كثيرا بالحروب والكوارث والفايروسات المختلفة، صار الخوفُ مُلازما لكل أنسان على وجه الأرض، ويكاد يترسّخ أكثر في الوطن العربي من مشرقه الى مغربه، ولعلّ الأسئلة الوجودية التي أثارتها هذه الجائحات البشرية والجرثومية، حول معنى الحياة وما بعدها، تفوق قدرة الكثير من الناس على التحمّل فيحاولون مواجهتها لكنهم سُرعان ما يتكشفون محدودية قدراتهم وكبير عجزهم. لذلك ربما من يقرأ كتاب ” رحلة الارواح”، يجد بعض البلسم لجروح الروح وقلق القلب . وفي ما يلي عرضٌ لأبر ما جاء فيه:

” نحن نعيش في عالم غير كامل عمدا. و ارواحنا تولد من خالق يضع عمدا حالة السلام الكلي بعيدا عن متناولنا كي نكافح اكثر.” هناك منطق وراء المفهوم القائل باننا لم نخلق صدفة لمجرد العيش. و اننا نعمل ضمن نظام كوني و طاقات عليا توجهنا. و ان لنا جوهر غير محكوم عليه بالموت. و الموت ليس ظلمة و عدم كما نتخيله. و هو ليس نهاية بل هو بداية لحياة بشكل اخر. كما ان مفهوم الجنة و الجحيم يُناقَش بطريقة مختلفة عما نعرف في هذا الكتاب. فجحيم الروح هو حيواتها و تقمصاتها على الارض، اما جنتها فهي الارتقاء و الخلود.



الروح هي الجوهر، و هي كتلة طاقة وهي نور وشعاع. مهمة هذا الكتاب هي قهر الخوف من الموت عبر جعلنا نتفهم طبيعة ارواحنا و مكان مقرها النهائي. كل الارواح هي جزء من الجوهر الالهي نفسه الذي ينشأ من روح اعلى و ارواحنا تعكس جزءا بسيطا من الروح العليا التي نسميها الله.

ماذا يحدث للروح عندما تفارق الجسد؟ اين تذهب؟ يخبرنا الكاتب و الطبيب النفسي الاميركي د مايكل نيوتن و المؤسس لمعهد مايكل نيوتن للحياة بين الحيوات و المعالج بالتنويم المغنطيسي، في كتابه “رحلة الارواح”، عن حالات حدثت مع مرضاه خلال التنويم المغنطيسي عادوا فيها بالذاكرة الى حيوات سابقة لهم و تحدثوا عن تجارب روحية طريفة و مذهلة عن رحلة ارواحهم عبر الزمن من جسد الى اخر وعن الفترة بين حياتين ارضيتين في عالم الروح.

يستند الملخص السريع لرحلة الروح بعد مفارقتها للجسد الارضي المضيف، الى حالات و بيانات ٢٩ مريضا وضعوا في حالة الوعي الفائق و هم تحت تأثير التنويم المغنطيسي من خلال تقنية طورها نيوتن لكي يصل الى ذكريات مرضاه العميقة . حيث يصفون بشكل دقيق ما مروا به بين حيواتهم و تقمصاتهم السابقة على الارض . و ما رأوه و شعروا به عند مفارقة الروح للجسد. فيكشفون للمرة الاولى سر عالم الروح بعد الموت .

عندما يموت الجسد و تفارقه الروح، تدرك الروح انها في الحقيقة لم تمت بل تحررت فقط من ثقل جسد ارضي بعد فنائه. تسبح في فضاء من نور. تحلق بخفة و تشعر بالنشوة لبعدها عن اثقال الارض و خاصة عن الالام الجسدية. تملأها الدهشة لاكتشافها روائع هذا العالم . تندفع بقوة خفية الى مركز النور او الطاقة التي تنتظرها في اخر النفق. و على باب الدخول الى عالم الروح، تلاقيها ارواح مرشدة و صديقة. تقدم الحب و التشجيع للارواح التائهة الواصلة حديثا. تخاطبها بلغة العقل فقط. و تساعد الارواح الوافدة من عالم الارض على الاغتسال بشعاع النور و الطاقة كي تتخلص من السموم الارضية السلبية.

ما هي الارواح المرشدة؟ هي ارواح متطورة متقدمة على غيرها ترقت عبرالزمن الى درجة مرشد او معلم. هي تبقى معنا في مرحلتنا الانتقالية بين الحيوات تساعدنا على اعادة تأهيل ارواحنا المتضررة. هي ارواح كانت صبورة على مجتمعها. اظهرت قدرات فائقة في التأقلم و التغلب على الصعاب. تتمتع ببصيرة نادرة و تشع بالهدوء و اللطف و التفهم تجاه الاخرين ولا تتصرف بدافع مصلحة شخصية. هي تذهب بسرعة الى عالمها و تتجاوز صدمة الموت و تتقبل فكرة انفصالها عن الجسد الفاني بشكل اسرع من الارواح الفتية او المبتدئة التي ترفض الذهاب بسرعة و تبقى تطوف و تحلق فوق الجسد الذي فارقته لمدة من الوقت. و هذا ما يحدث خاصة للارواح اليافعة التي ماتت اجسادها بشكل فجائي او قبل ان تنجز مهامها على الارض.



هناك في عالم الارواح مكان شبيه ب “المطهر”، اي انه حالة انتقالية و مكان للتفكيرو التكفير و العزلة للارواح التي ارتكبت الخطايا البشرية. هناك تتعرض الارواح المتضررة و الضعيفة المتأثرة بالشوائب الارضية للتطهير عبر التأهيل و اعادة التشكيل، قبل اعادة ارسالها لتقمص حياة جديدة على الارض. هنا تأتي الاضاءة على موضوع الكرما. الكرما هي عقاب ذاتي و عدالة رحيمة لكل الارواح . فالارواح تقرر ماهية الاجراءات العادلة بالنسبة الى تصرفاتها على الارض.

لا يوجد شيء اسمه عقاب في عالم الروح ، فقط اعادة تأهيل و تطهر من المشاعر والسمات البشرية السلبية. و الهدف الاساس من التقمص هو تحسين النفس و تطويرها عبر الزمن و عبر عدة حيوات ارضية تتخذ خلالها عدة ادوار خيرة و شريرة و تواجه فيها كافة اشكال العوائق و الشوائب و تتعلم التغلب عليها و التخلص منها كي تصبح مؤهلة للارتقاء الى منزلة او درجة روحية اعلى.

الارواح مستويات تندرج من الدرجة الاولى المبتدئة حتى الدرجة السادسة التي هي قمة الوعي و النضج. و يختلف الضوء او الهالة التي تشع منها باختلاف مستوياتها ايضا من الضوء الابيض الصافي الى تدرجات الازرق والبنسفجي .هي تتعلم و تتطورمن خلال تجاربها في الاجساد البشرية على الارض. لذلك نرى ان الوعي عند ابناء الجنس البشري يتحسن مع كل قرن يمر. و لكن لا شك انه يبقى هناك الكثير من الارواح المبتدئة التي لا تزال في مراحل مبكرة من التعلم و التطور. و هذا ما يفسر وجود العنف و الظلم و سوء الفهم السلبي بين البشر.

بعض الارواح تربط بينها صلات غير مرئية. تترافق في حيوات عدة على الارض. و في عالم الروح تتعرف على بعضها البعض بسهولة. هذه الارواح الصديقة تكون في نفس درجة الوعي الفكري و الروحي و هي تظهر لبعضها البعض باشكال و شخصيات مختلفة في كل حياة ارضية، قد تكون زوجتك في حياة و صديقك في حياة اخرى وزميلك في العمل في حياة ثالثة و طبيبك الخاص في حياة رابعة.

هكذا يبقى الخيط السري الذي يربط بينها لا ينقطع عبر الزمن . و تبقى الارواح المتآلفة تدور في نفس الفلك الروحي و الارضي في مسعى خاص منها و ليس من قبيل الصدف. هذا ما يفسر شعورك احيانا بالتقارب الذي قد تكون تجهل سببه تجاه اشخاص لم ترهم او تعرفهم من قبل.

في عالم الروح ، هناك انفتاح و قبول كلي بين الارواح و لا مكان للعدائية و المشاعر السلبية. و هناك شعور دائم بقوة عقلية مقتدرة تدير كل شيء بتناغم مدهش لذلك تشعر الارواح هناك بسلام يجعلها تريد البقاء و عدم العودة للتقمص على الارض.

الارواح المتشابهة من حيث الصفات و المواهب و الاهتمامات تتجمع مع بعضها و تؤلف خلية طاقة موحدة تتواصل بواسطة التخاطر الفكري و قوة العقل. تنقسم و تنفصل عن بعضها بحسب درجة تطورها عبر الزمن. حيث ان الارواح الضالة و المبتدئة مثلا تحتاج الى الكثير من الحيوات الارضية كي تمر بالعذاب و تتعلم التغلب عليه وكي تستطيع الارتقاء الى درجات روحية اعلى. عكس الارواح المتطورة و المتقدمة التي تستطيع التوقف عن التقمص على الارض و تنصرف الى مهماتها في التوجيه و الترشيد بعد ان تكون قد وصلت الى النضج الكامل و الوعي الفائق و تكون قد تحلت بالكثير من الصبر و الحكمة ليكون هدفها بعد ذلك الرحيل صوب مركز الطاقة و النور و الاتحاد مع خالق الكون و خالقها. و هو مطلق الوجود غير الاناني الذي يتوقون للوصول اليه .

ولد د مايكل نيوتن في اميركا عام ١٩٣١ و توفي عام ٢٠١٦ . هو عالم نفسي وكاتب. حائز على شهادة دكتوراه و له كتاب ” الذاكرة الازلية” بالاضافة الى كتاب “رحلة الارواح” .

كتبه تحثك على التعمّق أكثر في أسرار هذه الفانية، تجعلك تطفو فوق المشاكل اليومية والماديات لتحلّق بعيدا في عالم أكثر صفاء وهناء ومتعة حقيقة. هي تجعلك تفهم وتتفهم اسباب وجودك و اسباب الاحداث التي تمر بحياتك. تدفعك دفعا مُحببّا ولطيفا للإيمان بخلود الروح و التغلّب على الخوف من الموت عبر الايمان بأن هناك سلطة عليا تقودنا، و ان لوجودنا على هذه الارض هدفا يتخطى حدود قدراتنا البشرية و يتجاوزها الى فضاءات اوسع و اسمى، نهايتها الاتحاد الجوهري و الروحاني مع مركز الكون وخالقه و محور طاقته.



 
  أخبار في الجولان   جولان في الأخبار   بأقلام جولانية
  تقارير   مجتمع   مقـالات و آراء
  مقالات اعلانية   صحة وطب   اكتشافات وتكنولوجبا
  فن وادب   رأي دليلك   سياحة وسفر
  زهور واعدة   رياضة   ???? ???????2010
  ????? ?? ?????   حكاية المثل الشعبي   ??????? ?????
  ????? ??????? ??????   ?? ??????? ??????   ?????